اللاصدق علة قضية أبناء الكويتيات

عند تفكري وبحثي بقضايا دولتنا كنت دائما أصل الى رابط مشترك واحد بينهم وهو اللاصدق (ولا أريد أن اسميه كذب)، وكنت سابقا قد تحدثت عن الصدق (كونه جزء أساسي من منظومة الإنسان الأخلاقية والقيمية) وأثره على حياتنا كونه السبب الرئيسي للفساد الذي نعيش اليوم، فالفساد مصدره الإنسان وأساسه القلب الميت والقلب مستقر القيم والأخلاق. فأنا أتساءل أحيانا:

  • من كان قلبه وضميره ميتا وخاويا من القيم الإخلاقية الإنسانية كيف له أن يقرر مصير الغير وإن كان هناك قانون منظم ودستور؟
  • إن لم يمارس الموظف العام الصدق بمسؤولياته العامة وبعمله، كيف سيطلبه مع من يتعامل معهم؟
  • الصدق لا يوجد به “هوى” او مزاج، فكيف وصلنا الى وقت نجد به تشريعاتنا تشوبها الأهواء والأمزجة؟
  • “الهوى” هو اعوجاج والصدق إستقامة، فمن أين أتى اعوجاج قوانيننا؟
  • من يمارس اللاصدق بسبب الأهواء والأمزجة بمسؤولياته سواء كان نائب او وزير او موظف عام، فمن الطبيعي أن يمارس عليه اللاصدق ذاته وبالتالي تبدأ سلسلة التنازلات القيمية لصالح الأهواء وتبدأ بذرة الفساد.

وقضية تجنيس أبناء الكويتيات المتزوجات من غير كويتي هي أحدى نتائج اللاصدق مع الذات، وحتى أبين ذلك سأفند بعضا من مواد الدستور وتعارض القوانين معه ومن ثم سنشرح علة سوء التشريع والقوانين:

  • المادة 7 من الدستور تنص على: “العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين ونجد فيها:
    1. ان العدل والحرية والمساواة من دعامات المجتمع، والمجتمع مكون من الجنسين الذكر والأنثى على خلاف أدوارهم بهذا المجتمع ولم يقل العدل والحرية والمساواة من دعامات الرجل. أي أن هذه القيم الإنسانية من حق الجنسين على حدا سواء.
    2. والتعاون والتراحم صلى وثقى بين المواطنين ولم يخص الرجال ولم يعط أية أفضلية للرجال.
  • المادة 8 من الدستور تنص على “تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنينأي أن تصون الدعامات المذكورة بالمادة 7 من الدستور. ونجد فيها:
    1. إستخدام كلمة “صون” عندما قال “تصون الدولة دعامات المجتمع” وهي تعني الحفظ والوقاية أي حفظ حقوق العدل والحرية والمساواة والتي ساوى بهم بين الجنسين.
    2. وتكفل الأمن والطمأنينة، والكفالة تعني ضمان الشيء والقيام به، أي ان تضمن الدولة بنظامها وقوانينها وتطبيقها لأعمالها وجود الأمن والطمأنينة من خلال دعامات المجتمع والتي كما أشرنا إنها للجنسين دون تمييز.
    3. وتكفل تكافؤ الفرص للمواطنين، وهنا لم يقل للرجال لكن شمل الجنسين.
  • المادة 9 من الدستور تنص على: ” الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة ونجد فيها:
    1. أن الأسرة أساس المجتمع، والأسرة هي المكون المصغر للمجتمع ويتكون من الزوج والزوجة والأبناء، وهذا هو التعريف القانوني للأسرة المستخدم في الكويت لكن القوانين تسقط كيان الأسرة إذا ما إنتفى الزوج وكأن الأسرة قوامها الرجل فقط وبدونه تنتفي الأسرة وتننفي حقوق الرعاية للأسرة كما نص عليها الدستور؛ كما أن القوانين بباطنها لا تعترف بالأسرة التي يكون فيها الأب أو الزوج غير كويتي.
    2. ويحفظ القانون كيانها، والكيان يعني والوجود الذاتي لشيء ما سواء كان طبيعي أو معنوي، فهل أصبح الرجل هو الوجود الذاتي للأسرة وإن إنتفى وجوده سقطت الأسرة؟!
    3. ويقوي (أي القانون) أواصرها، والآصرة تعني الروابط ذات الطبيعة القريبة، أي ان القانون عليه تقوية الروابط بين أفراد الأسرة وهذا لا يكون إلا بالعدل والمساواة للإستقرار النفسي لكل أفراد الأسرة لتعزيز المجتمع.
    4. ويحمي (أي القانون) في ظلها (أي في ظل الأسرة) الأمومة والطفولة، وذكر هنا الدستور بالنص رعاية للأمومة والطفولة ولم يذكر الرجولة، فما بال قوانيننا وهي لا ترعى سوى الرجولة؟

 

 

 

  • المادة 10 من الدستور تنص على: ” ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي ونجد فيها:
    1. أن ترعى الدولة النشء، والنشء هم الصغار من الإنسان، أي أن النص الستوري أشار بكل وضوح برعاية النشء من أبناء المواطنين لكون المرأة الكويتية كونها مواطنة لها كامل الحقوق وعليها كامل الواجبات كالرجل. فكيف جعل التشريع والقانون نشء المرأة المتزوجة من غير كويتي نشء لا ترعاه الدولة ولا تكفله نصوص الدستور؟

من السابق بينا على عجالة التناقض بين نصوص بعض مواد الدستور مع القوانين التي شرعها مجلس الأمة والقرارات الوزارية التي أقرتها الوزارات الحكومية، وفيها أتساءل هل من الممكن أن من شرعها وأقرها ووافق عليها جاهل بالدستور أم لم يفهم الدستور؟ لا أعتقد ذلك لكني أميل الى أن سبب كل ذلك هو تدخل الهوى والأمزجة بهذه القوانين والقرارات، فسمة الأمزجة والأهواء طالت كل قضايانا والتي بسببها يتم إقرار قوانين وقرارات تناسب البعض على حساب حقوق الآخرين، وداء كل ذلك هو اللاصدق مع الذات. فما شكل ووصف ذلك الإنسان الذي يدعي ويطالب بحقوق الغير ليكسب منهم أصواتا إنتخابية وعند التصويت على قوانين أصحاب الحقوق لا يحرك ساكن أو يقدم أنصاف حلول وحقوق منقصة تزيد من إباحة الحقوق؟ اللاصدق يبدأ من الفرد ومن أصغر قراراته لتشكل كيانه (أي وجوده الذاتي) وعندما تكبر مسؤولياته ومهامه يكبر معه لا صدقه ويبدأ يظهر لنا على شكل قوانين تتضرر بها مصالحنا كشعب ومواطنين. اللاصدق يتأثر بالمعتقدات والأعراف سواء الدينية او المجتمعية، فكيف أُقرت قوانين تسقط الأسرة ككيان وجودي بسبب إنتفاء الرجل؟ وكيف لها قررت أن أبناء المرأة الكويتية ليسوا بنشء ولا يحق لهم المواطنة بينما الدستور كفل حقوق اللقيط؟ تداخل الأعراف والتقاليد مع القوتنين يحرك الهوى والأمزجة فأصبحنا اليوم تائهين بين الدولة المؤسساتية المدنية التي يحكمها الدستور والقانون وبين الدولية العرفية التي الأعراف والتقاليد، وهذا التوهان نتيجته ضياع حقوق وفساد.

إن أردنا إصلاح فعلينا بالمطالبة بالأساس المكون للأنسان وهو القيم الأخلاقية لأنها إن صلحت صلحت معها كامل أمور حياتنا، فأكبر خديعة يعيسها الإنسان هي خديعة أن هذه القيم “مثالية غير واقعي” وكأنه يقر بأن الواقع فساد يضطر أن يتعاش معه، ونتيجة هذا التعايش الحتمية هو إستشراء الفساد ونخره لمفاصل الدولة وهدم لحياة الشعب. وهذه المطالبة لا تكون ولا تبدأ إلا بنا من خلال مراجعتنا لذواتنا ونتعرف على درجة تنازلاتنا عن قيمنا بحجة مثالية “ومانقدر” و”سياسة” و”السياسة قذرة” وغيرها من المفاهيم التي اوصلتنا القاع؛ علينا أن ندرك أن الصدق لا يقبل التبرير لأن أي تبرير هو أجتزاء منه، ولا تكون المطالبة إلا من خلال المعرفة والإطلاع فعلينا قراءة قوانيننا والإطلاع على حقوقنا فدفة المجلس لا تستقيم إلا بالرقابة الشعبية الصادقة.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد