حواري مع كوروفيلا

خلال الأسبوعين المنصرمين حظيت بفرصة لقاء توماس كوروفيلا وهو مدير شريك في شركة آرثر دي ليتل للاستشارات الإدارية والمتخصصة في الاستراتيجيات الابتكارية والتقنية للشركات الكبيرة، وهو المسؤول حاليا عن منطقة الشرق الأوسط ويشرف على مشاريع تنموية مع حكومة دبي. من خلال حديثه عن المنطقة والتغيرات الحاصلة بها تطرق الى ذكر محور الطاقة النظيفة البديلة (الطاقة المتجددة) التي تعتمد على الرياح والشمس والمخلفات العضوية، وحيوية تبني دول الخليج لهذه المشاريع لضمان استقرارها المستقبلي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمعيشة من مياه وكهرباء وطاقة بكافة أشكالها، وذكر أن السعودية ودبي وأبوظبي لديهم

مشاريع طموحة بأهداف عالية يعملون عليها بجد لتحقيقها. تدخلت متسائلة عن مدى إمكانية تحقق هذه الأهداف وهذا الطموح خاصة أن هذا المجال جديد وتطوراته سريعة ومتغيرة وحجم إنتاج الطاقة من خلاله بسيط مقارنة بالوقود الاحفوري «Fossil Fuel»، فما مدى واقعيته؟ أجاب «ان استطعتم ان تستمروا باعتمادكم على إنتاج البترول لمدة 10 سنوات قادمة (بأفضل الاحتمالات) فإنكم حتما لن تستطيعوا أن تجتازوا العشر سنوات التي تليها باعتمادكم على البترول فقط، وذلك لكون الدراسات المتوقعة لسعر البترول تشير إلى سعر 40 دولارا كأعلى سقف و15 دولارا كأدنى سقف كما أن الطلب على الوقود الاحفوري سيكون بتراجع مع تقدم الوقت، وتوجه شركات السيارات تجاه السيارات الالكترونية وسرعة تطورها أوضح دليل، وعليه أنتم مجبرون على التغيير». فتساءلت مجددا: وهل هذا يعني ان دول الخليج التي تعمل على هذا التوجه هي التي ستنجو (ان صح التعبير) في المستقبل؟ أجاب «لن تنجو أي منها ان لم تتفقوا لكون هذه المشاريع كبيرة وضخمة وتتطلب تعاون دول لتحقيقها فمدينة نيوم بالسعودية هو مشروع يربط السعودية ومصر والأردن»، واستدل في حديثه بوضع دبي الراهن وخلافها مع قطر، حيث كانت امارة دبي تستورد الغاز من قطر لتوفير الطاقة أما اليوم فهذا الأمر غير متاح لذلك امارة دبي أدركت بالواقع حيوية توجهها بالتحول للطاقة البديلة وإدخال الثقافة السلوكية المصاحبة لها للشعب وتبنيه لها. وفي هذا الصدد أضاف «تحديكم الأكبر ليس في تحقيق هذه الأهداف لكن في تغيير ثقافة الشعب، فالثقافة الرائجة لديكم اليوم هي ثقافة ريعية استهلاكية وهي تتعارض مع ثقافة الطاقة البديلة والتي فيها يجب أن يكون الفرد ممتلكا لفكر اقتصادي منتج، بمعنى ان يقتصد باستهلاكه ويعتمد نظم التوفير وإعادة التدوير (كحاجة وليس ككماليات) من خلال فهمه للوفر الذي يحققه من سلوكه هذا». وهنا يقصد كوروفيلا استهلاكنا العالي للمياه والكهرباء وحجم النفايات التي يتركها الفرد يوميا (0.800 – 1.900 كغ للفرد) وحجم الأراضي التي تستخدم كمرادم للنفايات وآثارها السلبية على الصحة والبيئة، فكل هذه السلوكيات تمثل هدرا ماليا غير مباشر وغير محسوس لدى الفرد.

لدينا تحديات مستقبلية كبيرة ليست على الصعيد الداخلي ولكن أيضا على الصعيد الخارجي الإقليمي، هذه التغيرات إن لم نأخذ المبادرة بها اليوم ونبحثها بكل جد فستشكل تحديا كبيرا لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا، وأنا شخصيا أتفق مع ما أشار اليه كوروفيلا بأن بدايتنا تبدأ من الفرد، فان أدرك حيوية الأمر استطاع ان يضع اللبنة الأولى تجاه مستقبل أفضل من خلال ثقافته وسلوكه الاستهلاكي.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد