التعليم مسؤولية من؟

يتردد الحديث مؤخرا عن التعليم الإلزامي والعالي بما يخص جامعة الكويت وقبولها للطلبة المتخرجين في الثانوية، ويرتكز هذا الحديث على 3 أمور مهمة وهي: اختبار القدرات والذي يشتكي منه الطلبة لصعوبته ولعدم تماشيه مع مستوى مخرجات التعليم الإلزامي، استياء من رفع نسب القبول بالجامعة، عدم وجود اعتمادات أكاديمية من المؤسسات العالمية المتخصصة لجامعة الكويت.

وعليه، يطالب الكثير بإلغاء هذا الاختبار او تخفيض مستواه ليتماشى مع مستوى خريجي

النظام الإلزامي لتسهيل تجاوزه، ويطالبون بخفض معدلات القبول وإيجاد اعتمادات أكاديمية من المؤسسات العلمية ذات الشأن.

علينا أن ندرك هنا ان التعليم بشكل عام مجال حساس ودقيق وفيه اجتهادات يمكنها أن تصيب او تخيب، والدراسة الجامعية بشكل خاص هي دراسة ذات طابع تخصصي يتوجه لها من لديه الميل الأكاديمي في البحث والتدريس والتطور العلمي، فنجد على سبيل المثال أن نسبة من يدخل الجامعات في ألمانيا من إجمالي الشعب لا تتجاوز 30% وتركيزهم على مدارس التكوين المهني أكبر وأهم وتعمل يدا بيد مع التعليم الجامعي فهما يكملان بعض ومخرجات كل منهما تصب لدى الآخر، فالعمل الجامعي الأكاديمي يحتاج الى مساحة للتطبيق والملاحظة وهذا المكان يكون في المهن باختلافها وتنوع بيئاتها، كما أن المهن بحاجة للتطوير من خلال ما تقدمه الجامعات من تطوير بحثي.

وهذه البحوث هي التي تأتي بالاعتمادات الأكاديمية الدولية للجامعة من خلال نشر هذه البحوث بالمجلات والدوريات العلمية الرائدة والتي لها اشتراطاتها بالجودة وضوابطها الأكاديمية، فالاعتماد لا يأتي هينا لكن يأتي من بعد تقديم بحوث ذات وزن وثقل أكاديمي يقدم إضافة معرفية للعلوم الإنسانية.

وحتى تكون هذه البحوث على مستوى مقبول للنشر يجب ان يكون هناك الأفضل من الجامعيين الأكاديميين ويجب ان تتوافر الموارد كالأموال والتجهيزات العلمية التي تساعد في تحقيق هذه البحوث، فكيف يمكن لهذه الجودة العقلية والعلمية ان تكون اذا تم تخفيض نسبة القبول دون تمييز الأفضل، وهنا يأتي دور اختبار القدرات الذي يعمل كالغربال الذي يغربل المتقدمين ليختار الأفضل من حيث الجودة وليس من حيث المعرفة، فهناك معرفة وهناك جودة معرفة.

توجهنا الحالي في الكويت كون الجميع يتجه الى الجامعة حتى يكون «جامعيا» ومن ثم يتسلم وظيفة بعيدا عن إضافته العلمية والإنتاجية متسبب به أمران، الأول شكل اجتماعي «بريستيج» والثاني ديوان الخدمة المدنية وقراراته فيما يتعلق بالمزايا الوظيفية ودرجاتها التي ربطها بالشهادة بعيدا عن الإنتاج والتكامل الإنتاجي الذي تحدثنا عنه أعلاه، فألمانيا تواجه انتقادا بتدني أجور المهنيين مقابل الأكاديميين وارتفاع تكلفة الدراسة الجامعية في جامعاتها، وهو الأمر الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي لديها مستقبلا، والحل الذي اعتمدته ليس دعم الدراسة الجامعية وتخفيض تكلفتها وليس خفض نسب القبول لإدخال أكبر عدد ممكن من المتقدمين (حلول ترقيعية) لكنها عمدت الى النظر في تحسين أوضاع أجور أصحاب المهن من خلال القوانين (بيئة عمل منتجة) والنظر في أصحاب الكفاءات العلمية والعقلية من ذوي الدخل المحدود لدعمهم في الجامعات (انتقاء الأجود وفتح الفرص).

حل مشاكلنا التعليمية يجب الا يكون على حساب الجامعة وجودة مخرجاتها وعلينا ان نفصل بين التعليم الإلزامي والتعليم العالي فلكل منهما سبب وغاية كما للتعليم الجامعي والمهني أسباب وغايات مختلفة، ومثلما أشرت، التعليم بشكل عام مجال حساس ودقيق وفيه اجتهادات يمكنها أن تصيب او تخيب لكن المهم هو المتابعة من خلال عمل ما يسمى بقياس الجودة العلمية المحصلة وأثر الخريجين على المجتمع من خلال إنتاجهم.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد