نوفمبر 2017

المفاهيم المغلوطة المنتشرة تعدت مرحلة الانتشار ووصلت الى مرحلة الممارسة، فالمواطن أصبح يبرر كل المطالبات على أنها حق له، فأصبح اقتحام مجلس الأمة وكسر باب قاعة عبدالله السالم حقاً للمطالبة بالحقوق، وأصبحت جريمة تزوير الجناسي وازدواجيتها حقاً للمتعدين ويطالب بها بعض نواب الأمة! إلى أن وصل هذا اللغط إلى قوانيننا، فبائع «الرقِّي» بالشارع يغرم 100 ألف دينار أو يُسجن، ومن يركن سيارته في مكان يمنع فيه الوقوف أو يستخدم هاتفه النقال وهو يقود تُسحب سيارته لمدة شهرين، وعلى المخطئ ان يتحمل تكاليف الأرضية وأي أضرار تحدث للسيارة نتيجة للسحب خلافاً عن المخالفة، وهذا بحجة تطبيق القانون وفرض النظام المروري. علينا أن نفهم بأن هناك فرقاً بين التطبيق للقانون والتعسف بالقانون، فمعاقبة بائع «رقي» من فئة البدون 100 ألف دينار أو حبسه دون توفير بدائل، خاصة مع وجود قيود لعمل هذه الفئة، ليكتسب رزقه يعتبر تعسفاً، وسحب السيارات من الأماكن الممنوع الوقوف فيها من دون توفير مواقف يعتبر تعسفاً، وحبس السيارات لمدة شهرين مع تحميل التكاليف المالية التابعة لها لعدم ربط الحزام يعتبر تعسفاً، وعدم توفير «ونشات» حديثة تراعي تقنيات محركات السيارات الحديثة يعتبر تعسفاً. حديثي هذا لا يعني قبولي بالأخطاء وعدم فرض النظام، لكن يعني عدم المبالغة في العقوبات لمجرد شعور الإدارات الحكومية بالفوضى وعدم قدرتها على فرض نظامها ونظمها. فحق الحكومة أن تمنع بيع «الرقي» بالشارع، ومن حقها أن تفرض النظام بالشارع، وأن تحدّ من استخدام الهاتف النقال خلال القيادة، لكن ليس من حقها أن تتعسف بقوانينها لفرض ذلك. تطبيق القانون يعتبر نوعاً من أنواع التغيير، والتغيير لكي ينجح يجب أن يشترك به كل الأطراف ذوي الصلة، وألا يكون به أي نوع من أنواع الجبر أو القسر، كما هو حال العقوبات التابعة للقانون يجب أن تكون متناسبة مع الخطأ، وأن تكون تدريجية لكون أساس القانون وتطبيقه هو العدل، وللعدل ميزان بكفتين يجب أن تكونا متزنتين لأقرب درجة ممكنة ليتحقق، فلا يجوز أخذ المواطن الملتزم بجريرة المستهتر بحجة فرض القانون، كما لا يجوز فرض القوانين من دون توفير البدائل للفعل الخطأ. فللتغيير بيئةٌ ثقافيةٌ تحتاج إلى التوعية الاعلامية التي تشرح أهمية تطبيق القانون والفائدة من هذا القانون التي تعود على المواطن. هناك خط ضعيف بين التطبيق والتعسف، وهناك كذلك خط ضعيف بين الفشل في التطبيق والإجبار في التطبيق، وعلى المسؤولين أن يعوا هذه الخطوط.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد