“الحكومة ضعيفة”
كثيرا ما أسمع جملة «الحكومة ضعيفة».. وحقيقة لا أفهمها ولا أفهم معناها، خصوصا إذا قيلت من قبل النواب واستخدموها كعذر يبرر تذبذب أدائهم، فهذه المقولة تعتبر رأيا خاصا، والرأي يمثل صاحبه ولا يكون منهج عمل عاما. وعليه يجب ألا يمنع الرأي الخاص التعامل والتواصل مع الحكومة، لأن هناك دورا ومسؤولية وأمانة تحتم على النواب التعاون مع الحكومة بعيدا عن رأيهم بها. اختلاف التوجهات عادة ما يشكل صراعا بين الأطراف، خصوصا إذا افتقدت الهدف المشترك والمرونة، فالمجلس لا يمتلك هدفا مشتركا مع الحكومة، معلنا ذلك أمام الشعب، وإن امتلكه، فلا يمتلك المرونة والتقبل ليتعامل بهما مع الحكومة لتحقيقه. الصراع أمر واقعي يعيشه الإنسان يوميا باختلاف جنسيته وجنسه وموقعه ووظيفته، وأبرز ما يحدد نوع الصراع وشكله عاملان: الحزم والتعاون، فدرجتا الحزم والتعاون تحددان دور الطرف بالصراع، فعندما تكون الحكومة قليلة الحزم ومتعاونة، فهذا سيجعلها مساومة تفاوضية، وإن كان المجلس كثير الحزم وقليل التعاون فهذا سيجعله منافسا شرسا قابلا للمساومة على حساب الهدف المشترك؛ وهذا هو وضعنا اليوم. لكن إذا ما افترضنا مجلسا عالي الحزم وعالي التعاون، فهذا سينتج تعاونا مثمرا تجني نتائجه كل الأطراف. لكن، وللأسف، ما نشهده اليوم هو استغلال البعض في المجلس لتنافسيته الشرسة، وتفاوضية الحكومة ليأخذ منها ما يريد، بعيدا عن الهدف المشترك للبلد. والحكومة ليست بأفضل حال من المجلس، فتركاتها السابقة، من فساد وفوضى، جعلتها هشة تلجأ الى التفاوضية لتسيير الأمور على حساب البلد. لذلك أتعجب من تمسك بعض النواب بهذه الحجة، وكأنهم يبطنون نية استغلالهم لضعف الحكومة لمصالحهم الخاصة وتكسباتهم، عوضا عن سعيهم للتعاون العالي مع الحكومة لخلق هدف مشترك وتحقيقه، وهو الأمر الممكن. فالنائب أحمد الفضل يعمل جادا لتحقيق هدف مشترك بينه وبين الحكومة (مقترح قانون الرياضة) ليدفع به للحكومة ليساعدها على تحسين المسار، لأنه يريد منفعة البلاد دون التحجج بضعف الحكومة ودون مساءلة استجوابية، لأنه يعي ويدرك تركات الحكومات السابقة من فوضى وفساد. فلذلك أتساءل: ماذا قدم النواب من خطوات تعاونية مع الحكومة من خلال خلق هدف مشترك، بعيدا عن تذمرهم لدى الشعب من ضعفها؟ فمطالبتهم اليوم لتشكيل حكومة قوية لا تكفي، لكن عليهم أن يعكسوا هذا المطلب بأفعال، لكون الهدف الأسمى هو الوطن والشعب، وليس انتهازيتهم لضعف الحكومة، فهما ضلعان أساسيان في مُكوّن نهضة الدولة، وعلينا، نحن الشعب، الضلع الثالث، أن نطالب وندفع بالتوجه الصحيح الذي يخدم أهداف الوطن.
اترك تعليقاً