حل واستقالة.. ومحاربة الفساد

في أواخر عام 2016 حُلّ مجلس الأمة بمرسوم أميري طبقا للمادة 107 من الدستور، الذي ذكر فيه «نظرا للظروف الإقليمية الدقيقة وما استجد منها من تطورات وما تقتضيه التحديات الأمنية وانعكاساتها المختلفة من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، الأمر الذي يفرض العودة إلى الشعب مصدر السلطات لاختيار ممثليه». وفي 30 / 10 /2017 استقالت الحكومة لأسباب مذكورة في خطاب الحكومة لصاحب السمو أمير البلاد، الذي ارتكز على ما ذكره صاحب السمو الامير في نطقه السامي في افتتاح دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الخامس عشر، يفيد «في ضوء ما تفضل به من تحذير وتوجيه ونصح إزاء ما تشهده المنطقة من مخاطر وتهديدات وما يعترض مسيرتنا الوطنية من تحديات جسيمة، وما أكد عليه من ضرورة المبادرة للعمل من أجل تصويب مسار العمل البرلماني، كاستحقاق وطني لا يحتمل التأجيل، وما يستوجب كل ذلك من العمل الجاد لإحداث التغيير المنشود، الذي يحقق الغايات الوطنية المأمولة». وبرأيي هناك أسباب أخرى، تكمن في سوء الإدارة الحكومية التي تعطي الحجة الشكلية للنواب بالهجوم عليها واستجوابها، لأجل أجندات خاصة لبعض النواب الذين يستخدمون أدوات دستورية للتهديد والانتقام لتنفيذ أجنداتهم الخاصة. المخاطر الاقليمية وتهديدات المنطقة لها أثرها القوي على سياساتنا الداخلية، وهذا أمر منطقي، فنحن كدولة نتأثر بكل ما هو بالداخل والخارج، لأننا نعيش بمحيط ولسنا بمعزل، لكن استغرب استمرار الحكومة بسياساتها، وكأنها بمعزل عن هذه الظروف، خصوصا انها تَلْقى الهجوم العنيف من المجلس، وهي تعلم أن هذا الهجوم ليس بنية الإصلاح، وهذا أتى واضحا في سبب استقالتها الاخيرة، الذي ذكر «تصويب مسار العمل البرلماني»! فكلاهما يعاني من الفساد، وهو الأمر الخطير الذي يستغله كل ذي نية سيئة تجاه الكويت، لكنها لا تحرك ساكنا تجاه هذا الأمر الحيوي، ومستمرة في تخبطها وضياع رؤيتها وانشغالها بأعمال يومية من دون هدى وهدف منشود، لأنها مكبلة بتركات فساد وفوضى سابقة ولا ترى بالإنتاج والإنجاز اولوية، فارتضت التسويات والترضيات حلا سريعا للتغلب على كل ما تواجهه من مشاكل ناتجة عن ضياع الهدف والرؤية. فالقضاء على الفساد هو الخطوة الاولى للتصدي للمخاطر التي نواجهها داخليا وخارجيا، وهو الأمر الذي سيضمن لنا استقرارا سياسيا داخليا، ويضمن قوة الجبهة الداخلية للدولة للتصدي للمخاطر الخارجية ومن دون هذه الخطوة ستتكرر مشاهد الحل للمجلس والاستقالات للحكومة، فإن كان المسار البرلماني بحاجة لتصويب، فلتبدأ الحكومة بنفسها ولتعدل مسارها هي أولا، من خلال جدية العمل الحكومي الذي يحارب الفساد كخطوة أولى، حتى لا تترك حجة لبعض اعضاء البرلمان الذين يقتاتون على الفساد الذي مهدت له الحكومة على مضي عقود منصرمة.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد