“ما كو فايدة”
استياؤنا من أوضاع البلاد يتزايد سنة تلو الأخرى، والجميع يريد أن يغيّرها للأفضل، لكن النتائج تأتي عكس ما نريد، وهذا يزيد إحباط الفرد، فيردد: «ما كو فايدة»؛ فهل «ما كو فايدة» نعني بها إصلاح البلد أم أسلوبنا الذي اخترناه للإصلاح؟ بالنسبة إلي، فأنا مؤمنة بإصلاح البلد و«فيه فايدة»، لكن «ما كو فايدة» من أسلوبنا الذي نتعامل به مع قضايانا، والذي يفتقد ركائز أساسية وهي: الأفراد، والهدف، والأداء. فالأفراد هم يخلقون الحاجة للتغيير بإدراكهم ليحولوها إلى هدف واضح (مقسم في باطنه إلى خطوات صغيرة)، ويعكسونه من خلال أدائهم وتصرّفاتهم لبناء الثقة، والتي تعتبر من أهم عوامل التغيير. فمثلا الفرد الواعي المصلح هو ذلك المدير الذي يدرك أن تميّزه من تميّز فريقه، فيبث فيهم روحا إيجابية منتجة تنتهي بإنجازات تساعده على الارتقاء والارتقاء كمدير ويرقي فريقه تباعا، من خلال فرص يتيحها الإنتاج والإنجاز، وليس من خلال التناحر والتصيد والبحث عن هفوات وأخطاء الغير لإزاحتهم؛ فهذه المصالح المتبادلة المتوازنة تشكّل الأهداف الصغيرة والأداء الصحيح، وتشكل بذرة بموقع ما تقودنا مجتمعين باتجاه الإصلاح. وحتى نصل الى هذه المرحلة يجب أن نعرف «ماذا نريد؟»، وهذا السؤال على بساطته، فهو يشكّل أساس معضلتنا اليوم، فكما يقول أستاذي بالجامعة: «ماذا تريد؟ هل تريد أن تكون سائق سيارة أم سائق سيارة سباق، أم سائقا محترفا لسيارة الفورمولا ون؟»؛ فلكل رغبة منها طريق مختلف وخطوات مختلفة، وإن تشابهت الأساسيات. فنحن مستاؤون ونريد إصلاحاً، لكن إصلاح ماذا؟ إصلاح المجلس أم الحكومة أم السياسات أم التشريعات، أم الأفراد وأولوياتهم؟ وهل أولويتنا، على سبيل المثال، هي مطاردة السرّاق ومحاسبتهم، وهم على نهجهم سائرون لضعف التشريعات والأداء، أم أولويتنا تقوية التشريعات وتطوير الأداء لوقف نهج السرقات أولا، ومن ثم ملاحقة السرّاق، لكون بداية أي إصلاح يكون من نقاط قوة وليس من نقاط ضعف، لذلك علينا أن نبدأ من قوتنا كشعب، لنسيطر على نقاط الضعف؟ أنا أؤمن بالإصلاح الذي يبدأ من الأسفل، ومن الفرد نفسه، من خلال الوعي وفهم ماذا نريد؟ لنؤمن به ونبدأ بممارسته بدائرتنا أولا، لنبني الثقة بمحيطنا، ومن ثم نطالب، ولا نطالب الغير، ونحن لم نحرّك ساكنا (عدا عن التذمّر)، وهذا يتجلّى في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ
اترك تعليقاً