بمختلف القبعات

في ساعة تفكر في الاحداث التي نعيشها بالمنطقة، تخيلت الآتي: عندما أرتدي قبعة السوريين فاني سأشعر بشدة الالم لما يمرون به ويعيشونه من قتل وتنكيل وتشريد وتيتيم وترميل، فهم أناس فقدوا الأمن والامان، وهما العنصران الأساسيان لاي حياة طبيعية وان كانت فقيرة. اشعر بخيبتهم وغبنهم تجاه الشعوب العربية وحكوماتها التي تخاذلت بالدفاع عنهم كشعب، وتركتهم مثل الشيء الهين والرخيص لنظامهم يبطش بهم. كما اني اشعر وأتفهم حاجتهم للبحث عن حياة طبيعية فيها أمن واستقرار، افهم قبولهم لأخذ وقبول أشد المخاطر للهروب لاراض وأوطان مستقرة تكفل حقوق الانسان وتحميه بقوة القانون وبقوة فهم وادراك شعوبها، افهم جليا لماذا يختار السوري الهرب من بلده إلى البلدان الاوروبية، عوضا عن العربية، ولا ألومه لذلك.
وعندما أرتدي القبعة العراقية، فاني ايضا سأتفهم شعور العراقي الذي خُذِل من الدول العربية، وأصبحت دولته بؤرة للارهاب والقتل والتفجير بسبب الفوضى الإدارية التي يعيشها العراق بسبب الطوائف المختلفة والمكبوتة لعقود منصرمة عدة، وبسبب الحكم البعثي الدكتاتوري السابق، وبسبب الحروب التي عصفت به بفترة قصيرة. لا ألوم العراقي الذي فقد الأمن والامان ببلاده ان يبحث عن بلاد تحترم الانسان وحقوقه. ولا ألومه ان حاول المستحيل لتطأ رجله تلك الارض، حيث سيجد انسانيته.
ولكن عندما أرتدي قبعة الدول الأوروبية، فإني حتما سأرفض من حيث المبدأ استقبال ذلك الكم الكبير من اللاجئين، وذلك لأسباب كثيرة منها الأمن، البطالة، التوظيف، ميزانية الدولة، الخدمات الصحية، الخدمات التعليمية، البنى التحتية… إلخ. لكون استقبال عدد كبير وبشكل مفاجئ فانه حتما سيؤثر بالسلب في كل ما سبق ذكره. لهذا فاني اتفهم سبب استياء رؤساء تلك الدول وقلقهم تجاه أعداد اللاجئين الهاربين لأراضيهم.
وأخيراً، عندما أرتدي قبعة الاوروبي، فإني سأتفهم استياءه من نزوح عدد اللاجئين لبلاده، فهو كدح وتعب وعمل ودفع الضريبة (التي تصل في بعض الدول الأوروبية الى %56 من الدخل) حتى يرتقي بنفسه وببلده، وليس حتى يأتي غريب ليجني تعبه وكده الذي قام به لسنوات وقدم جزءا منه كضريبة لحكومته. لهذا فاني افهم امتعاضه. في عام 1991 قال أحد الألمان عندما سأله والدي رحمه الله: لماذا أنت مستاء من هدم حائط برلين؟ أجاب: لاني اعلم حتما ان الألمان الشرقيين سيأتون لمنطقتنا الغربية كلاجئين وستقوم الحكومة بدفع مصروف شهري لهم لحين إيجاد وظائف لهم، وتعليم ابنائهم، وتطبيبهم، وتسكينهم، وبالنهاية سيشاركوننا بما قمنا نحن به من اعمال ونتائج بجهودنا وتعبنا!

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد