البديل الخسباقي
فوجئت كباقي الكويتيين بإعلان مشروع «البديل الاستراتيجي»، الذي ظهر لنا بين ليلة وضحاها. استغربت ظهوره المفاجئ، الذي لم تسبقه اي مقدمات، كحال المشاريع الاخرى التي تتداول بالدواوين قبل المجلسين.
شخصياً، قرأت عن المشروع، واطلعت على أهدافه، وصراحة اعجبني التوجه، وهنا عليّ أن أقر بان مشروعا كهذا مطلوب، خاصة مع الفوضى التي كانت سائدة في السنوات السبع المنصرمة، والتي شهدنا فيها المنح والبدلات والكوادر المتخبطة وغير المدروسة، والتي كنّا وقتها نعلن عن رفضنا لها، لما ستتبعها من آثار سلبية تجهد ميزانية الدولة في الحاضر والمستقبل.
لكن، كحال كل أمور دولتنا في هذا الزمن التي تتطلب كلمة «لكن»، استغربت ما هو اعظم واكبر، كيف لمشروع مثل البديل الاستراتيجي (اسمه يعكس حجمه) ان يُعْلَن بأنه لدى مجلس الأمة، لإقراره من دون رجوع الحكومة الى الجهات التي سيطبق عليها هذا المشروع ونقاباتها، لمناقشتها به وأخذ وجهات نظرها، والتفاهم معها قبل إرساله الى مجلس الأمة لإقراره؟!
ألا تدرك الحكومة خطورة هذا المشروع ان لم يتم بالشكل الصحيح؟ فهذا المشروع سلاح ذو حدين، ان صَلُح استخدامه قدم الفائدة، وان لم يَصْلُح فسيقدم الضرر الكبير، واكبر مثال هو القطاع النفطي وثورة موظفيه. القطاع النفطي هو القطاع الأهم بالدولة من ناحية مصادر الدخل للدولة، وكلنا نعلم بحيوية المتطلبات الوظيفية لهذا القطاع، سواء على صعيد الكفاءات والخبرات المطلوبة للارتقاء بأدائه لتقديم الافضل، فكيف يتم الاعلان بان المشروع لا يخفض الرواتب، وإنما يتماشى معها من خلال البدلات، لكن في المقابل، تكون الرواتب الاساسية ضعيفة، وبالتالي ضعف الراتب التقاعدي (وهو المرتبط بالراتب الأساسي من دون البدلات). فهل يعقل ان يكون موضوع حساس كهذا خفياً على من عمل على المشروع؟!
كذلك استغرب الحكومة بتناقضاتها، فهي تطلب من القطاع النفطي ومؤسساته تحقيق انتاج عال لعام 2020، وفي المقابل تقوم بتخفيض مستحقات العاملين، اي منطق او اي نظرية إدارة او نهج اداري يذكر ذلك؟! القطاع النفطي سيفقد كفاءات (اي اصحاب خبرة والخبرة تشترى بأغلى الاثمان)، وان فقدهم، فإنه حتما سيعجز عن تحقيق هدف الانتاج المطلوب عام 2020، هذا عوضا عن تردي الأداء الذي سيصحبه ضعف الرواتب.
ولحظة كتابتي لهذه السطور وردني ان اجتماع النقابات النفطية ولجنة الموارد البشرية قد انتهيا الى تأجيل المشروع حاليا، وهذا ما يؤكد توقعي ورأيي الذي ذكرته أعلاه!
اتمنى من الحكومة انتهاج الشفافية في طرح مشاريعها من خلال مناقشة اصحاب العلاقة، قبل اعلان مشاريعها، وان تشرح جميع جوانب المشروع الإيجابية والسلبية عند اعلان مشاريعها، وان تضع بعين الاعتبار أهدافها المستقبلية عند العمل على المشاريع، حتى تكون هذه المشاريع فعلا استراتيجية وليست خسباقية
اترك تعليقاً