كفاءة مرفق القضاء
روى لي بروفيسور أميركي حادثة حقيقية وقعت في اميركا، خلاصتها ان متزوجينِ من بعد طلاقهما حكم القاضي بنصف المنزل بمحتوياته للزوجة، فقام الزوج بقطع كل شيء في البيت الى نصفين باستخدام منشار، فتقدمت الزوجة بشكوى للقاضي تشرح فيها ما عمله الطليق، فأصدر القاضي ذاته حكما فوريا ينص على إلزام الطليق بدفع قيمة نصف المنزل السوقية وقيمة كل الأشياء التي قطعها وأفسدها الطليق للطليقة.
سألت البروفيسور عن رأيه في الحكم، وهل يتفق معه؟ فأجاب بأنه بالتأكيد يؤيد الحكم لكون الطليق لا يمتلك الحق في عمل ذلك، وأضاف ان الطليق بهذا الحكم يكون عبرة للغير وكل من يحاول التعدي على حق الغير.
أعجبتني الحادثة وأعجبني حكم القاضي الفوري والسريع وكذلك اعجبني رأي البروفيسور، وذلك لاتفاق هذه العناصر على شيء مفرد، وهو «الحق» وإلزام تطبيقه وسرعة تنفيذه كاملا ومن دون انتقاص. من بعدها تفكّرت في حالنا وحال المحاكم المتخمة والمكتظة بالقضايا والدعاوى، التي لا يقل عمر الواحدة منها عن سنة ونصف السنة، بغض النظر عن نوعها وطبيعتها. نحن في الكويت ابتلينا بكثرة التداول وابتلينا بالفساد، فالقضية التي تتداول يشوبها أوجه فساد، من خلال اما الأوراق المقدمة، وإما البيانات الناقصة، وعادة ما تكون هذه القضايا مرتبطة بواحدة او اكثر من دوائر الدولة ومؤسساتها التي يطغى عليها الفساد والفوضى، فتدخل القضية في قضايا اخرى لا علاقة بها، ولكنها للأسف مرتبطة بها!
إظهار الحقوق وتطبيقها عنصر مهم لاستقرار اي دولة وشعبها، وسرعة البت فيها ايضا له الأثر الاقوى في تطبيق العدل، الذي أمرنا الله تعالى به. بالغرب استشعروا أهمية العدل وتطبيقه لنهضتهم، ونحن في الكويت، للاسف أحياناً استغللنا المحاكم لاضفاء الصبغة القانونية لأمور لا نمتلك الحق فيها، من خلال الفساد المنتشر في البلاد، ومن خلال كثرة التداول بالقضايا والإطالة بها.
جهاز القضاء بالدولة يحتاج الى اعادة نظر بما يخص المركزية، وبما يخص آليته، فبعض القضايا لا يستطيع أصحابها الانتظار، خاصة ان كانت واضحة بيّنة. نتمنى تفكيك مركزية مرفق القضاء وإعادة هيكلته بشكل يسهل الحصول على البيانات وتوافرها لدى مؤسسات الدولة وبشكل يساعد على سرعة النظر في القضايا، للبت فيها لإحقاق الحقوق حتى نصل الى مستوى الكفاءة في تقديم الأعمال.
اترك تعليقاً