“أفلا تنظرون؟”

بدأوا بتكفير وقتل كل من يخالفهم الرأي حسب أهوائهم وليس حسب شرع الله.
“في كل معرفة هناك عنصر عاطفي، وموضوع المعرفة يكسب او يخسر معرفته في موضوعيته يعتمد على مقدار حدة او ضعف العاطفة!”.
“التجربة الدينية في أساسها حالة شعورية ذات جانب إدراكي لا يمكن نقل موضوعه الى الغير الا في صورة حُكم، فإذا عُرض عليّ حُكم للتسليم به وهو يدعي انه تفسير لجانب معين من جوانب التجربة الانسانية ليس في متناولي، فمن حقي ان اسأل: ما الضمان على صدقه؟ وهل لدينا محك يكشف لنا عن صحته؟” (محمد إقبال ــ تجديد الفكر الديني في الاسلام).
من بعد ما قرأت واسترجعت السابق تساءلت ضمنيا: ماذا سيقول إقبال عن حالنا اليوم، ونحن يقتل بعضنا بعضاً بحجة الاسلام؟ ونحن نجد من يقتل المسلمين بسبب الدين؟ ماذا سيقول عندما نجد اننا نحن من يقوم بتشويه سمعه الاسلام بنية ضرب الدين الاسلامي؟ ماذا سيقول وهو يرى ان من يقوم بذلك هم دعاة الاسلام، الذين نصبوا انفسهم ممثلين لـ«إله» على بقية المسلمين، وبدأوا بتكفير وقتل كل من يخالفهم الرأي حسب أهوائهم وليس حسب شرع الله.
يسعى إقبال* بفكره الى تقديم فهم متطور للدين يهدف الى تجديده بالممارسة ومواكبة الزمن من دون المساس بروح الدين وأسسه. لذلك ومن بعد ما استنفدت الوقت الكافي لفهمه، وجدت ان إقبال يشير الى موضوع العاطفة والمعرفة وطبيعة علاقتهما العكسية، بمعنى ان زادت العاطفة ضعفت المعرفة او الموضوعية والعكس صحيح.
لذلك تراءى لي وضعان: الاول في فهم بعض مشايخنا لهذه النقطة، حيث يعمدون الى اثارة العاطفة بحد عال للتأثير في الغير لمصالحهم بحجة الدين. في الوقت نفسه الذي نسمع ونتفاعل مع حديث بعض المشايخ، فإننا نرى ونشاهد أطفال غزة وهم يقتلون لكونهم مسلمين ونحن لا نحرك ساكنا. نرى ونشاهد موحدين ومسلمين ينحرون نحر الخراف وباسم الاسلام ونحن لا نحرك ساكنا.. أموات!
نحن نرى «داعش» و«النصرة» ونحن ساكتون بحجة الدين. ونحن نلعن ونسب الاسرائيليين لما هم فاعلون بالفلسطينيين!
في بداية هذا العام وجدنا الفزعة لنصرة إخواننا في سوريا.. اليوم نجد «داعش» و«النصرة» يقتلان المسلمين غالبا باموالنا وباعمالنا!
سؤالي: ما مدى فهمنا كمسلمين لحياتنا ولديانتنا؟ وما موقع إعراب «المشايخ» من الدين ومن الوضع الراهن؟
تؤلمني حال المسلمين اليوم.. يؤلمني انقيادهم وانصياعهم من دون تفعيل للعقل الذي خصنا الله به سبحانه.. يؤلمني جهل الكثير من أمة محمد وقلة حيلتها بسبب بعض «مشايخ»، «دعاة» أو حتى «عملاء».. يا أمة لا اله الا الله لقد خصكم الله بالعقل للنظر والتفكر، وخصكم في كتابه المحكم الذي يقول فيه «أفلا تنظرون؟!».
• محمد إقبال: مفكر ديني باكستاني مسلم ملتزم، كان عصره في أواخر القرن التاسع عشر؛ يحاول جاهدا تقديم فهم متطور للدين بهدف التجديد والمعاصرة.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد