“دستور غورتكس”
لا بد من العمل بروح الفريق للمصلحة العامة لا بنظام الفوقية الإدارية أو الصلاحيات التي تحددها المناصب.. عندها سنحقق النجاح المشترك.
شركة غورتكس النيوزيلندية والمتخصصة في صناعة الأقمشة العازلة للمياه والسميكة، من أغرب الشركات في العالم إدارياً. فهي من أنجح الشركات بالعالم وتأسيسها كان في عام 1958 ولا تزال صامدة وتنافس بشدة مع السوق العالمي، لها أفرع في عدد كبير من دول العالم ومنتشرة في مختلف القارات. غرابة هذه الشركة يكمن في كونها لا تتبع أياً من أساليب الادارة الحديثة لإدارة الشركات التي تكون بحجمها، فليس هناك رئيس ومرؤوس ولا يوجد مدير عام أو رب عمل يفرض قراراته، فالكل هناك هو ملك لنفسه ولا يطلق عليه اسم «موظف» ولكن يسمى “مشارك” (associate) لكن عليه عدة مسؤوليات تتحدد له مع فريق عمله وعليه الانتهاء منها بالفترة المحددة له. العمر الوظيفي لمن يعمل مع هذه الشركة طويل المدى ويصل الى 15 عاماً. الهدف من هذه المقدمة هو النظر الى علاقة العاملين بالشركة وأصحاب العمل أو الشركاء. تتجلى فكرة الادارة في هذه الشركة على المسؤولية الذاتية للفرد ومدى التزامه بالعمل وبالمسؤوليات من خلال التعاون وروح الفريق. فالمسؤولية هنا مشتركة كما هي الحال للنجاح أو الفشل أو التخطيط أو التنفيذ، ايضا تعتمد على قنوات تواصل أفقية وليست رأسية (أي لا رئيس ولا مرؤوس)، ولكن مجرد مهام ومسؤوليات تحدد ادوار وحجم العاملين.
إذا ما اسقطنا هذه العلاقة الإدارية ونوعها على الكويت وسياسة الادارة فيها ماذا تتوقعون ان تكون حالنا؟ هل لدينا من يفكر بالغير ويعمل مع الغير بروح الفريق للمصلحة العامة التي بتحقيقها تضمن له مصلحته الشخصية؟
هل لدينا القدرة في ثقافتنا المجتمعية على ان نتخلص من الفوقية الإدارية أو الصلاحيات التي تحددها المناصب (واقصد هنا وظيفة وزراء ونواب) والتمتع بحس المشاركة بالقرارات وتحمل المسؤوليات والنجاح والفشل بشكل مشترك؟
شركة غورتكس نجحت لانها بنت ثقافة ادارية منذ عام 1958، نجحت بسبب إيمان اصحاب الشركة وخَلَفَهم في النهج نفسه في الادارة. فهم لديهم رؤية ادارية تم تنشئتها على مدى الستين عاما المنقضية ليصبحوا ما هم فيه الآن من تطور ونجاح.
دستورنا وضع على نهج وسياسة لبناء ثقافة معينة تعزز الحريات والمسؤوليات والمشاركات قبل ستين عاما تقريبا، ولكن عدم اقتناع الخَلَف للسلف المؤسسين بهذه السياسة أدى بنا لهذا التدهور الاداري والتخبط في إدارة شؤون دولة.
اترك تعليقاً