سوء فهم!

كلا الطرفين يعتقد أن له الحق، ولكن المصيبة العظمى تكون عندما يغيب المسؤول المشرف على سريان دورة العمل!
يسود دولتنا سوء فهم عارم، يكتسح اغلب دوائرها الحكومية، خصوصاً بين موظفيها. وسوء الفهم هذا حاصل بين المواطن والموظف، فالمواطن يتهم الدوائر الحكومية بالبيروقراطية، ويتهم الموظف بانعدام الضمير، ويتهم كليهما بالفساد. الموظف والدولة بدورهما يستنكران هذه التهم، خصوصاً الحكومة، فهي تحاول دحض هذه التهم (وان كثرت دلائلها) بردود واهية.
بداية، أعتقد – وبرأيي الخاص – ان هناك سوء فهم بين المواطن والموظف، فالمواطن يسعى خلف معاملاته في الدوائر الحكومية حتى ينجز أعماله الخاصة او واجباته الأسرية (كفالة وإقامة وتجديد.. إلخ) التي لا يمكن لها ان تحدث الا في الدوائر الحكومية، وعليه يتوقع المواطن المراجع ان يقوم الموظف الحكومي بتسهيل هذه المهام والإجراءات، لانها تعتبر روتينا يوميا لاداراتهم. لكن من وجهة نظر بعض إخواننا موظفي الحكومة، فهم لا ينظرون الى الموضوع بالزاوية نفسها، ولكن لهم زاويتهم الخاصة بهم، التي تقول «تخليصي للترخيص وتوقيعه وختمه ستدر على صاحبها فائدة وأموالا، ما كانت لتكون لولا تسهيلاتي وتخليصي للمعاملة! وعليه يحلل الموظف «الفاسد» اخذه للرشوة ويحلل عرقلة المعاملات اذا لم تدفع الرشوة». وعادة ما نرى اختلاف نسب الرشى تبعا لحجم العمل، فان كان الموضوع تمديد كيبل كهربائي لمبنى جديد فسيكون مقابل مبلغ وقدره! وان كان الموضوع ترخيص مطافئ او بلدية فلهما ايضا نسب محددة ومعينة تبعا لمدى الضرورة واحتياج المواطن لها، تقاس تبعا للاضرار الممكن حصولها لصاحب المعاملة مع كل يوم تأخير في تنفيذها.
سوء الفهم هذا من أسوأ مستويات سوء الفهم فكلا الطرفين يعتقد ان له الحق، ولكن المصيبة العظمى تكون عندما يغيب المسؤول المشرف على سريان دورة العمل الروتينية من دون تعطيل، والاهم توفير المعلومات اللازمة للمراجع منذ البداية، ليكون حاضراً بهم، ولكن حقيقة الوضع ان المشرف او المسؤول يكون أحيانا، نفسه عامل فساد، فيحث على تعطيل المعاملات لدفع اصحاب العمل لدفع الرشى.
يمتد سوء الفهم هذا الى العلاقة ما بين الرئيس والمرؤوس، فالمرؤوس يعمل ويخطط لهدف، ليأتي في النهاية رئيسه ليقاسمه النتائج! فالأول يجد أن الثاني ليس له حق في القسمة. اما الثاني فيرى ان قسمته واجبة نظرا الى تسهيلاته وصلاحياته.
فيكون الحل عادة رفع نسبة الرشوة على صاحب المعاملة حتى يرضى الموظف الحكومي ورئيسه.
في اعيادنا الوطنية لن أكتب: عيدي يا كويت يا أحلى بلد، ولن أغني: عاشت لنا الكويت وعاش أهلها، ولن أردد: دوري دوري مغازل الخير دوري.. حتى ندرك جميعا ما هي الكويت، وما هي ادوارنا، وما هي مبادئنا واساسياتنا التي يجب ان تمنع كل هذا العبث الحاصل في البلاد؟!
فلننتهز مناسبة اعيادنا واحتفالاتنا بالاستقلال والتحرير ليكونوا نقطة مراجعة وتفكر لوضعنا ووضع البلاد.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد