الكرسي والجريدة والتلفون
ألعابنا البريئة كانت للتسلية فحسب، لكن ألعاب اليوم أصبحت مكاسبها فوق العادية.
من اشهر ألعاب المسابقات التي كنا نلعبها عندما كنا صغارا في حفلات أعياد الميلاد هي لعبة الكراسي ولعبة الجرائد ولعبة تلفون «خربان». على بساطة هذه الألعاب فاننا كنا نجتهد ونتنافس للفوز بها، وعادة ما تكون الجائزة رمزية مثل قلم او مقلمة او دفتر تلوين.
لعبة الكراسي هي وضع عدد من الكراسي بشكل دائري لتشكل حلقة يدور حولها الأطفال عند سماع الموسيقى، وعلى المتسابقين ان يجلسوا على الكراسي عند توقف الموسيقى، وحتى تكون هناك منافسة يكون عدد الكراسي اقل بواحد من عدد المتسابقين. اما لعبة الجرائد فهي عبارة عن لف هدية في مجموعة طبقات من ورق الجرائد لتدور بين مجموعة المتسابقين الجالسين في حلقة دائرية، على صوت الموسيقى وعند توقف الموسيقى يقوم الشخص الذي وقفت عنده كرة الجرائد بفتح طبقة واحدة فقط من ورق الجرائد وهكذا الى ان تقع اخر ورقة من جرائد اللف بيد المتسابق الذي يفتحها ويفوز بالهدية. اما تلفون خربان فهي لعبة تعتمد على حدة سمع المتسابق وقدرة الآخر في التلاعب في نطق اللفظ. وفيها يجلس المتسابقون في حلقة دائرية، يقوم اللاعب الاول بهمس كلمة او جملة بأذن زميله لينقلها بدوره الى المتسابق الذي بجانبه وهكذا، والذي يفشل في سمع الكلمة الصحيحة او نقل الكلمة الصحيحة يخرج من اللعبة.
اذا ما أردنا ان نرى أمثلة حية لهذه الألعاب او المسابقات في حاضرنا، فيكفينا ان نشاهد بعض وزرائنا وبعض الوكلاء وهم يتفاعلون مع موسيقى الكراسي الموسيقية، متنافسين في ما بينهم على كرسي. ويكفينا ان نرى أغلب نواب مجلسنا وهم يتلاقفون الحقائق المغلفة بورق الجرائد ليتلاعبوا بها بشكل لا يظهر الحقيقة كما هي ولكن يلوحون بها إعلاميا بانهم يمتلكون الحقيقة وهم يمتلكون ورق جرائد. اما علاقة المجلس بالحكومة فهي كلعبة التلفون الخربان، فإذا ما اشتهى طرف تغطية امر او حقيقة فيكفيه التلاعب باللفظ، وإذا ما أراد احد الأطراف ان يصم السمع فهو بكل بساطة يدعي الصمم.
كانت في ما مضى ألعابا للتسلية اما اليوم فنجدها أصبحت ألعابا للسياسة.
كانت في ما مضى مكاسبها وعوائدها رمزية بسيطة، اما اليوم فمكاسبها فوق العادية.
لم أتوقع في يوم ان نجد أنفسنا مهرة على هذا المستوى من الكسب والاستفادة، ولم أتوقع في يوم اننا قد نكون متمرسين الى هذا الحد من الحنكة والدقة في التنفيذ.
اترك تعليقاً