لا.. كفاية!

دولة الإمارات أعلنت «لا» في مواجهة كل مظاهر الفساد والمشاكل السلبية، فهل سنقول نحن في الكويت «لا»، أيضاً، أم سيستمر مسلسل السلبية الذي نعيشه؟!

في عام 2006، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة القانون الاتحادي رقم 51 لمكافحة الاتجار بالبشر، وأنشأت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ومركز «إيواء أبوظبي» الذي يوفر مأوى لضحايا الاتجار بالبشر من النساء والأطفال، وأقامت حملة إعلامية كبيرة في الدولة تحت شعار «قل لا للاتجار بالبشر». تجارة البشر تجارة رائجة عند الدول الفقيرة والغنية على حد سواء، وعادة ما تستغل الدول الغنية الدول الفقيرة وحاجة شعبها إلى المال، وتوفير قوت يومهم من خلال استخدام هؤلاء البشر في إنجاز أعمال غير إنسانية، من خلال استخدامهم لساعات طويلة في العمل، وعدم توفير ساعات للراحة ولا إجازات، هذا إلى جانب بخس قيمة الأجر الذي يتقاضونه، أو أعمال محرمة إنسانياً ودينياً.
توجه دولة الإمارات إلى إصدار هذا القانون وإنشاء هذه اللجنة أتى من حاجتها إلى التصدي لهذه الجريمة عندها، ليس بسبب شعبها، ولكن بسبب الانفتاح الذي تعيشه الإمارات منذ أكثر من عقد، وتشكيلها أحد المراكز التجارية الأكثر بروزاً في العالم، وبسبب منطقتها الحرة التي تربط الشرق بالغرب.
دولة الإمارات – وبإصدارها هذا القانون – تقر بوجود المشكلة لديها وعلى أرضها، وعليه آثرت مواجهتها والتصدي لها، بدلاً من دفن رأسها في الرمال – مثل النعام – وإنكار ما هو ظاهر على الساحة من سلبيات.
في العام الحالي 2013، تعرضت د. كفاية ملك (استشارية التخدير والعناية المركزة في المستشفى الأميري) لقرار تجده هي والأغلبية من الناس أنه قرار تعسفي، سبب إصداره تفاني الدكتورة في عملها من خلال سعيها إلى توفير سرير لعلاج إنسان محتاج، عوضاً عن توفيره لمريض آخر لا يحتاج إلى العلاج، أو لا يمكن توفير خدمة علاجية له أكثر مما قدم له، خاصة أنها تعمل بالعناية المركزة، وتحت تصرفها عدد محدود من الأسرّة مقابل المسؤولية الكبيرة في إنقاذ حياة من يدخل باب وحدتها الطبية. قد يكون هناك من يختلف في الرأي ويجد هذا القرار ليس تعسفياً وأنه أصدر على أسس إدارية صحيحة، وربما البعض الآخر يقولون إنها ليست بالأولى وإن هذه القرارات التعسفية شائعة في إدارة الدولة، ولماذا كل هذه الضجة للدكتورة كفاية؟! كل تلك الأسباب لا تهمني، ولكن ما يهمني هنا هو وجود خلل ووجود مشكلة ظاهرة على السطح. نحن نلوم حكومتنا بأنها تدفن رأسها في التراب ولا تواجه مشاكلها، ولكن في الحقيقة نحن كشعب نعجز عن تحديد مشاكلنا وأولوياتنا. وحتى أُسهّل فهم قصدي للقارئ، فإنني أتوجه إليه بالأسئلة التالية، ليجيب عنها، ومن ثم يعيد تقييم الوضع:
1- هل يجوز توفير سرير لشخص متنفذ لا يحتاج علاجاً، بدلاً من شخص آخر غير متنفذ يحتاج علاجاً؟
2- هل يجوز لكل من تعرض إلى هذا القرار التعسفي نفسه أن يلتزم السلبية والبرود وأن يقول «ليس هذا الأمر بجديد، وإن هناك كثيرين قبلها تعرّضوا إلى هذا الأمر»؟
3- إن كانت أغلبية الشعب تتفق على أن سلوك القرارات التعسفية سائد ويُمارس بشكل اعتيادي ويومي في أغلبية إدارات الدولة، فهل يجوز تبعاً لذلك السكوت عن هذا الأمر أو / وتذكر سلبيات المتضرر للتغطية على القرار التسعفي؟
إن كانت الإجابات كلها «لا»، فعلينا إعادة تقييم أنفسنا وردود أفعالنا قبل أن نعاتب أو نحاسب الغير، وإن كانت الإجابات «نعم»، فالخلل – إذاً – فينا، ونحن من لا يريدون الحق، ونعيش في فوضى وتخبط. في الإمارات أعلنوها «لا» في مواجهة كل ظواهرهم ومشاكلهم السلبية، خصوصاً التي تمس الإنسان وتهينه، أما في الكويت، فقد أردنا أن نقول «كفاية» فحوربنا! فمتى سنُعلن نهاية الفساد، ونقول «كفاية»؟!

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد