الجهل بالقانون
تجاوز القانون مخالفة.. فكم عدد المخالفين الذين يجهلون القانون فيقعون في المحظور؟ ومسؤولية مَن التعريف بالقوانين للمواطن والموظف؟
كيف لنا أن نطالب بتطبيق القانون ونحن لا ندركه؟ بل ولا ندرك الفرق بين اللوائح والقرارات والقوانين ومدى قوة وإلزام الواحدة على الأخرى؟!
كثيراً ما نسمع كلمة «ممنوع» أو «ما تمشي» عند تقديمنا معاملات، وعندما نسأل عن السبب يقال لنا الكلمة العتيدة «مخالفة!» وعندما نسأل عن كيان المخالفة وماهيتها واستناداتها، يقال لنا أيضاً «مخالفة للقانون»! بعدها نتساءل: ما نص القانون؟ نجاب بأنها «مخالفة»، ثم نتساءل: كيف لنا أن نحصل على نص القانون؟ نجاب، أيضاً، “لا أعلم، ولكنها مخالفة”.
هذا من زاوية. أما من زاوية أخرى، فكثيراً ما يكون هناك لغط بين الموظفين بين القرارات والقوانين، ويجهلون قوة القانون على القرار. كم كتاباً بكتاب رفض تسلمناه نحن كأصحاب معاملات من دون أسباب؟ وكم معاملة بمعاملة رفضت بسبب أرقام لقرارات لا تمت للمعاملة بصلة؟!
لدينا أعراف عامة بالقوانين وليس قوانين، لدينا مزاجية قوانين على حسب رأي المسؤول أو مدير الإدارة وتتغير عند تغير هذا المسؤول.
إذاً، كيف لنا أن نطالب بالقوانين والموظفون لا يعلمونها ولا يعلمون كيف لهم أن يبحثوا عنها؟
وتكون الطامة الكبرى عندما تتقدم بشكوى لوكيل وزارة بسبب رفض معاملة مستندة إلى قرار وزاري ليس بذي صلة بمحتوى المعاملة، ومن ثم طلب منك الوكيل تزويده (وكيل الوزارة المختصة) بكل القرارات التي تخص وزارته!
القوانين والقرارات واللوائح هي أدوات تنظيمية تنسيقية تنظم وتنسق العمل بين طرفين أو أكثر تحت مظلة الشرعية، وهذا حفاظاً على الحقوق وتجنباً للظلم، ولكن إن كان هناك جهل بمفهوم التنظيم والتنسيق وخلل في معرفة هدف وجود القوانين وجهل في معرفة محتوى القوانين، فكيف لنا أن نطالب بالقانون؟!
كثيراً ما تحدثت عن الثقافة والحضارة والتطور كمفاهيم نظرية، وتحدثت عن دور الفرد من خلال علمه ومعرفته بالتطور والتحضر، وأيضاً تحدثت عن صدق النوايا في العمل وأمانة تطبيقه للنهضة، ولكن على قدر ما أتعمق بهذه المفاهيم الأساسية للنهضة واطلاعي على أسباب نهضة غيرنا من المجتمعات، على قدر ما أصدم بواقع حالنا الذي لا أشبهه إلا بقطيع غنم يسير بلا هدى ولا نهج
اترك تعليقاً