يكشفونك من لون عيونك!

صدمتني مقابلة مسؤولين أمنيين عندما بلغتهم عن حالة شاذة فكانت أسئلتهم أكثر ألماً لي من الحالة التي بلغت عنها!
ترددت كثيراً في كتابة هذه المقالة لكون الخط الذي قررت أن أسلكه في الكتابة هو خط حيادي موضوعي هادف يعكس رأياً شخصياً ويعتمد على مراجع بعيداً عن وكالة «يقولون». إلا أن هذه الحادثة التي حصلت لي في مجمع الوزارات أبت أن تغيب عن فكري، وأن تترك انفعالي بحاله، لذلك اعتقدت من الممكن أن تكون مشاركتكم لي هذه الحادثة، لتحكموا عليها أنتم، أمراً مفيداً بالنهاية.
الحادثة بدأت في مجمع الوزارات في بداية شهر سبتمبر من هذا العام، عندما لفت نظري شخص «عربي الجنسية» جالس في ساحة وزارة العدل مقابل آلات وأجهزة صرف الطوابع الخاصة بوزارة المالية، كان يحمل حقيبة سوداء ويقترب منه أشخاص مختلفون «غير كويتيين» يقدمون له المال ويقوم بإعطائهم الطوابع، وكان يحمل رزمة كبيرة من المال من فئة الدينار! سألته: ماذا تفعل؟ أجاب بأنه يصرف المال من فئة 10 و20 إلى دينار، ليتسنى للمراجعين استخدامها في آلات الطوابع، قلت له: فإذاً، لماذا تعطيهم طوابع؟! أجاب بأنه مندوب! سألته عن الهوية فأفاد بعدم ضرورتها! ذهبت لوزارة المالية (المقابلة لوزارة العدل)، فاستغرب الموظفون الموضوع، وقالوا لا يحق لأحد عمل ذلك، وعليك أن تقدمي بلاغاً عن الحادثة في مركز خدمات وزارة الداخلية الموجود عند مدخل مجمع الوزارات.
وفعلاً، قمت بذلك، ودار الحوار التالي بعد سرد الحادثة:
• شلون شكله؟
– وصفته.
• شنو كان لابس؟
– قميص سماوي.
• كان معلق سلسلة وعليها كرت؟
– تقصد هوية؟! لا!
• شنو لون عيونه؟!
– نعم؟! والله ما ثبت!
• ليش ما سايستيه ويبتيه معاج؟!
– نعم؟!
• أقصد ليش ما هاودتيه ويبتيه لنا؟ شكلج خرعتيه وانحاش؟!
صراحة، رد فعل مركز وزارة الداخلية كان مصيبة أكبر من جرم بيع الطوابع بالوزارات، وكان صدمة عميقة لي جعلتني أفكر: هل كان التبليغ عن الجرم صحيحاً أم لا؟! إن كان هذا هو أسلوب تعامل المسؤولين، فكيف لنا أن نلوم مرتكبي الجرم ومخالفتهم للقانون؟!
لا أعلم فعلاً ما إذا كان فعلي بالتبليغ صائباً أم خاطئاً؟! لا أعلم أنه وجب عليّ غض البصر عن الجرم مثل باقي من كان موجوداً بالساحة، وكان يرى الجرم بعينه وهو غير مبال؟ مؤلم جداً مشاهدة فقدان الإحساس بالمسؤولية تجاه القانون ودولتنا.
واكثر ما أدهشني حقيقة أن لوزارة الداخلية نظاماً متطوراً لكشف المجرمين من لون أعينهم! لذا، لكل من يشاهد جرماً ويرى مرتكبه عليه الإبلاغ عن الجرم ولون عين المجرم ليتسنى لوزارة الداخلية القبض عليه

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد