.. ونحن بانتظار شاخت
جميل الاستئناس بتجارب الدول الناجحة، لا سيما في المجال الاقتصادي. لكن لن نوفق لو استوردنا حلولا معلبة لمشاكل محلية.. معروفة الأولويات من دون استفتاء.
جميعنا يدرك ان الكويت دولة صغيرة بتعداد سكاني قليل وبثروة مالية كبيرة، وعادة هذه العوامل تشكل اسسا لاقتصاد قوي. لكن حالنا في الواقع لا يعكس ذلك، فنحن مهددون في السنوات المقبلة بعجز كبير في ميزانية الدولة، بسبب الهدر الذي نعاني منه بسبب سوء الادارة، وايضا بسبب سوء الاستغلال للطفرات المالية التي مر بها اقتصاد الدولة في السنوات المنصرمة.
في موقع آخر وفي زمان آخر، ومن بعد الحرب العالمية الثانية، وعقب الهزيمة القاسية التي تعرضت لها المانيا وأدت الى تدهور البلاد على جميع الاصعدة، كان هناك هاجس لدى المفكرين الالمان هو: «كيف ننهض ببلادنا؟»، وكان هاجس الشعب: «كيف نعيش؟»، وهذا الهاجس هو السبب وراء ظهور هاجس المفكرين (كيف ننهض ببلادنا؟)، لكون الفرد ينتمي إلى جماعة، وهذه الجماعة تشكل المجتمع، والمجتمع هو اساس كل دولة. فذهب العامل يعمل بجد في مجاله، وذهب الباحث والمفكر يبحثان بعمق، وذهب العالم يكتشف العالم بعلمه. من ابرز هذه الشخصيات – آنذاك – الاقتصادي الالماني شاخت، الذي له فضل كبير في وضع اسس اقتصادية لبلاده انتجت نهضة كبيرة تشهدها ألمانيا ليومنا هذا في الاقتصاد.
أرادت ماليزيا ان تقطف بعضاً من ثمار ما انتجته ألمانيا، وهذا من خلال استخدام شاخت ونظرياته في الاقتصاد لينهض باقتصاد ماليزيا مثلما نهض باقتصاد ألمانيا، غير ان شاخت فشل فشلاً ذريعاً في تجربته الماليزية، التي اكتشف من خلالها الماليزيون انه لا يمكن استيراد جزء من كل، فالنهضة تتم باتفاق اطراف وتوافر عناصر مجتمعة في الوقت نفسه وذات ارتباط بالبلاد ومشاكلها وطبيعة مجتمعها.
في الكويت، وبينما نحن بانتظار شاخت ليحل مشاكلنا الاقتصادية، يتجه مجلس الامة لاجراء استفتاء ليعرف منه اولويات المواطن! ألا يعلم المجلس ما هي اولويات الشعب ومشاكله؟! هل نحتاج الى استفتاء ليدلنا على مشاكلنا؟ الا تعتقدون أن الشعب قد تكون رغبته في زيادة في البدلات والكوادر بسبب مشاكلنا الاقتصادية والتي تكون حينها رغبة الزيادات لدى المواطن ما هي الا تعبير عن عرض وليس سببا لمشكلة؟
التجربة الألمانية واليابانية والماليزية وغيرها من تجارب الدول التي نهضت باقتصادها تعتبر مبحثاً ثرياً لباحثينا واقتصاديينا ليستنبطوا منها اسباب المشاكل لدينا لحلها بدلا من اخذ العوارض ونشكل منها اولوياتنا.
اترك تعليقاً