هل يحق لنا لوم المشاكل؟!

المشاكل في الحياة ملازمة إيجابية للتحدي والحوافز على ألا تخرج عن قانونها الطبيعي، والإنسان هو من يخلق سلبياتها، فتصبح معوقات ومآسي.
المشاكل جزء أساسي من الحياة، ولا تكون ولا تحلو إلا بالمشاكل، فنحن لا نستطيع أن نتخيل حياة بلا أزمات ومشاكل، لأنها هي ما يعطي التحدي للانسان واستمرارية لحياته بتفاعل.
الأمر الواقعي لنا أننا لا نريد المشاكل، ولا نريد أن نكون بمشكلة، ونتمنى دائماً حياة هادئة (نعتقد) لننعم بحياتنا. لكن هل هذا حقيقي من وجهة نظر اجتماعية فلسفية نفسية؟
عدم وجود مشاكل تشكل رتابة بالحياة، ووجودها تشكل تحدياً بالحياة، فإذا المشاكل شيء ايجابي لكسر رتابة الحياة ولاكتساب الخبرات وللتطور. لكن متى تكون المشاكل مشكلة حقيقية؟ أعتقد تصبح المشاكل فعلا مشكلة عندما يهتز قانونها الطبيعي. فلكل أمر بالدنيا قانون طبيعي مخلوق معه وله، وعلى الإنسان أن يتكيف مع المشاكل من خلال هذه القوانين الطبيعية، ونتذكر هنا قول الله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا». قانون المشاكل الطبيعي هو عبارة عن قدرة الانسان على تقبّل الصعوبة وتحليلها وإيجاد حل لها، لينتقل بعدها الى مستوى اعلى من التطور المعرفي، وللتعامل مع الحياة. ولهذا القانون أسس طبيعية تم تحديدها بكل الديانات وهي الأساسيات الحياتية مثل عمل الخير، عدم الكذب، والسرقة، والزنى، والقتل.. إلخ من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان.
السؤال لنا الآن: أين نحن من هذه الأسس اذا ما سلمنا وارتضينا بأن المشاكل اساس حياة؟ هل اسس قانون المشاكل صحيح لدينا ليهدف في النهاية الى المنفعة الأعم والأشمل، ام ان اسسنا تضرب بكل ما هو اساسي شرعي داع للحق؟ حللنا الكذب وحللنا الرشوة، وحللنا القتل وحللنا السرقة، حتى الزنى حللناه بأطر دينية مشبوهة، لا تمت للدين بصلة.
إذاً، هل نلوم المشاكل (وهي العنصر الطبيعي المخلوق مع الحياة) أم نلوم أنفسنا بتدهورنا وتدهور تفكيرنا واختلال أولوياتنا وهدمنا لأسس الحياة الطبيعية؟!
أرجو أن تقيسوا ما ذكرته أعلاه على كل معاملة تتوقف دون وجه حق، او معاملة تجمد بسبب طلب رشوة او مقايضة مصالح او قانون يسن لإرضاء مصالح قلة مقابل كثرة، يمكنكم ان تقيسوا ما ذكرت أعلاه على اي مشكلة تصادفكم في دولتنا ومجتمعنا، ومن ثم تفكرون، هل نشتكي «المشاكل» أم نشتكي أنفسنا؟!

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد