ما قبل وما بعد وخلال!
اتخاذ الموقف في ثلاثة مواقف، قبل وبعد وخلال، ظاهرة لا تخدم المرحلة المقبلة، فهي تتطلب شجعانا واعين وثابتين.
غريب أمرنا كأفراد وكمجتمع مدني وكحكومة ومجلس أمة ودولة! نحن غالبا ما يكون لدينا 3 مواقف للموقف الواحد، فهناك موقف ما قبل، وموقف ما بعد، وموقف خلال الحدث.
فمثلا في جلسة لمجلس الأمة، فغالبا ما نرى موقفا يعلن قبل الجلسة من النواب، ثم موقفا آخر خلال الجلسة، وأخيرا موقفا ثالثا مغايرا بعد الجلسة.
الموقف الاول (ما قبل) عادة ما يعبّر عن الصورة العامة او الموقف المبدئي او احيانا الشحن المتعمد لما قبل الجلسة. الموقف الثاني «خلال» الجلسة يعبّر عما يقرأه النواب من توجه عام للأحداث خلال الجلسة، وما يتبعها من تسويات واقتناص فرص، وتسويات قد تكون خفية او معلنة. الموقف الثالث «ما بعد» الجلسة، وهو عبارة عن القرارات النهائية من بعد الاتفاقات والتسويات، سواء المعلنة او غير المعلنة.
للأسف هذه الحالة او الطبيعة او الظاهرة ليست مقتصرة على المجلس، ولكنها متفشية في جميع مؤسسات الدولة من تجمعات بسيطة الى حكومة ومجلس أمة ووزراء، فالتسويات والمصالح الخاصة غالبا ما تغلب المصلحة العامة، وهذا بسبب غياب الفائدة الملموسة للمصلحة العامة، والتي عادة ما تقطف ثمارها ومنفعتها على المدى الطويل، على عكس المصالح الخاصة التي تكون واضحة محددة ملموسة وقريبة المدى.
القانون وتطبيقه، على سبيل المثال، يعتبر من المصالح العامة، وعادة ما تكون هناك صعوبة في بداية تطبيقه، لأنه يفرض حدودا والتزامات على الفرد، ولكنه حتما سيؤدي الى مصلحة عامة ايجابية تعود على المجتمع على المدى البعيد.
السيطرة والتفرد بالقرارات يعتبران من غرائز الإنسان، فمن حصل عليها تمسك بها، وصعبت عليه النظرة للمصلحة العامة، وهذا لما تقدمه السيطرة والسلطة من صلاحيات توفر فرصا خاصة، والتي يمكن للمثل الكويتي «من صادها عشى عياله» ان يكون خير مثال على ما أقصد.
نحن في فترة ومرحلة حيوية نحتاج فيها افرادا اصحاب رؤى، يحملون معهم الرؤية السليمة لسنوات مقبلة للبلد والتي تفوق مصلحتهم الآنية، ويؤمنون بأن مصلحتهم تكون من ضمن مصلحة عامة يتقاسمها الجميع. نحن بمرحلة نحتاج بها للشجعان الذين يستطيعون ان يعترفوا بأخطائهم ان اخطؤوا، ولا يبحثون عن كبش فداء لتغطية اخطائهم. نريد شجعانا متحضرين واعين يقولون عن الحق حقا وعن الباطل باطلا بكل رقي وتحضر، وباستخدام الدلائل والمناهج الصحيحة. نحتاج شجعانا يقاومون المحاباة والمجاملات بسبب كرسي او منصب مؤقت، نريد شجعانا يقولون «نحن»، ولا يقولون «انا»، سواء كان الموقف ما قبل أو ما بعد او خلال الحدث
اترك تعليقاً