من أمن العقوبة أساء الأدب!

مع كل ما هو حاصل على الساحة من ردود أفعال تجاه قضية الإيداعات المليونية، وعلاقة بعض أعضاء مجلس الأمة والحكومة بالأمر، نجد أن الغالبية من الكويتيين يتفقون على مبدأ «من أمن العقوبة أساء الأدب». أرى أن القضية، أو الوضع، لا ينحصر في هذا المبدأ فقط، إنما تتعداه لتصبح قضية سلوك عام متبع لدى كثير من المسؤولين، فقد كانت هناك محاولات عدة سابقة من قبل بعض مسؤولي الدولة، وقلة قليلة من أعضاء مجلس أمة سابقين لوضع قيود منظمة تحد من «إساءة الأدب» (كما أتى به المثل أعلاه)، ولكن للأسف المحاولات بترت، والأفراد المنادون لتلك النظم هوجموا، وهنا نجد أن السلوك المتبع لدى مناهضي النظم هو «اعمل غير ما تقول، وقل غير ما تعمل»، وهذا لابتغاء مصالح شخصية ذاتية، هذا بالإضافة إلى استخدام أسلوب آخر، وهو «خذوهم بالصوت لا يغلبوكم»، حيث إنه مع خضم ما هو حاصل على الساحة تجاه القضية المليونية، ومع ضخامته وشدة حساسيته تجد أصواتا لنواب تعالت ومازالت تتعالى بالتنديد والتهديد وإلقاء ملامات على الغير من أفراد وجهات من دون تقديم أي اقتراحات عقلية فعلية فاعلة، تدل فعلا على وجود نية لتقصي الحقائق، ووضع الحلول ومحاسبة المخطئ بشكل حضاري هادئ، ولكن كل ما يتراءى لنا من هذه السلوكيات هو خوف من أن تطولهم الاتهامات والظنون السلبية، وهذا بحد ذاته توجه شخصي ذاتي، فنحن لم نشهد من قبل هذا الحشد القوي من قبل النواب الداعي لإقرار قانون الذمة المالية كما نشهده الآن، ولم نشهد سابقا أن تجرأ نائب وكشف ذمته المالية علنا (مع العلم بأن أخلاقيات العمل البرلماني والحكومي تقتضي ذلك)، فلماذا الآن، ومن بعد أن أصبح الاتهام قاب قوسين أو أدنى منهم؟القضية أكبر من سن قوانين تنظيمية تحد من تصرفات ضعاف النفوس، ولكن اعتقد أن المشكلة تتمحور في الفرد نفسه وعناصر القوى والضعف لديه، وهذه المشكلة تتواجد لدى السلطتين التنفيذية والتشريعية، فكما أشرت في مقال سابق، هناك الفاعلون من الأفراد، وهناك المنفعلون، وأمامهم السلطتان التشريعية والتنفيذية، ويبقى علينا الاختيار وتحمل عواقب القرار.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد