وأخيراً شيء زين..!
في مقالات سابقة، تطرقت إلى مفهوم الحضارة وشكلها ومقوماتها وسبل تطويرها، وذكرت أن التطور والتحضير يرتكزان على عناصر عدة، منها الاقتصادي والتقني والثقافي الذي ينتجه الفرد. وان دور الدولة الساعية إلى التطور والتحضر دور إشرافي رقابي على خطط تنموية حقة لها أهداف قصيرة وطويلة المدى. في هذا الموضوع نفسه ذكر الدكتور خلدون النقيب، رحمه الله، في كتابه «آراء في فقه التخلف» ان «الهندسة الاجتماعية تحدد متطلباتها عملية الصراع من أجل التفوق والهيمنة بين الأمم والشعوب، فجاءت العولمة داعية إلى العودة إلى اقتصاد السوق بدلاً من دولة الرعاية الاجتماعية ومؤسساتها». كلنا نعلم أننا في الكويت نحظى بدولة رعاية اجتماعية، فالدولة هي التي تقدم الرعاية الصحية والتعليمية والسكنية والدعم الاجتماعي وخلافه من الأمور الواضحة للعيان، بينما ما يتطلبه واقع حالنا الراهن هو ضرورة التحول إلى دولة اقتصاد سوق، حيث يكون فيها للشركات والمؤسسات الكبيرة الناشطة في السوق والاقتصاد الكويتي دور حيوي تلعبه في توفير بعض عناصر ما توفره دولة الرعاية الاجتماعية. مسرحية «زين» التي قدمت للأطفال في فترة العيد، لهي مثل حي وجميل يعكس آلية دولة اقتصاد السوق عوضاً عن دولة الرعاية الاجتماعية. فالمسرحية هي من إنتاج شركة خاصة ذات أهداف اجتماعية استعانت بعناصر وعقول موهوبة من كتّاب ومؤلفين وملحنين ومصممين ومهندسين وممثلين لإنتاج عمل متكامل يمثل الشركة خير تمثيل، ويخدم المجتمع عامة والطفل خاصة ليرتقي بالمستوى المقدم. في السنوات العشرين المنصرمة، أو أكثر، افتقد مسرح الطفل هذا المستوى الراقي الذي يحترم عقل الطفل ويجمح بخياله، كانت الأعمال المسرحية في السابق تقدم من خلال الدولة وبرعايتها وقتما كانت الظروف سانحة لتقديم تلك الأعمال بأعلى مستوياتها، ولكن بعد تحرير الكويت لاحظنا انحدارا في المستوى وكان الضحية هو الطفل.أفرحتنا هذه العودة القوية لمسرح الطفل التي انتهجت نهجا متحضرا في آليته، يمكن له أن يستمر مع شركات أخرى ولمدى طويل، هذه الآلية ـ آلية اقتصاد السوق ـ من شأنها أن تحدد وترتب الأدوار بين جميع الأطراف في ضوء المصالح المشتركة والمتبادلة التي تضمن منافسة إيجابية تخدم احتياجات المجتمع وترتقي به وبأفراده، لذلك على الحكومة أن تعزز دور دولة اقتصاد السوق، وان تعيد النظر في دورها الحالي كدولة رعاية اجتماعية.
اترك تعليقاً