عمر بن الخطاب وأوباما وأشواق

“نعيش مستنقعاً بل مستنقعات من الفساد وانعدام الضمير، وكل ما تفعله الحكومات المتعاقبة هو «السكوت»، وما يفعله المواطنون هو «التحلطم»، وليس بيدهم اكثر من ذلك..”. كان ذلك جزءا من مقالة الدكتور ناجي سعود الزيد في جريدة القبس بتاريخ 2011/4/12، والذي كان كفيلا بأن يجمح بمخيلتي ألفا واربعمائة عام للوراء، ومن ثم يعرج بها الى موطن غربي بزماننا المعاصر، وبالاخير يعود بي الى موطني. كانت لحظات قصيرة في المخيلة، ولكنها ثرية باستفادتها وصاعقة بنتيجتها. فيها تراءى لي الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قبل ألف واربعمائة عام وهو يستحدث اول نظام ينظر في ممتلكات الولاة، ويراقبها من خلال مقارنة موجوداتهم وحصرها لفترة ما قبل التعيين وما بعد الاعفاء، وارساله معاونيه الى الدويلات الاسلامية المختلفة لتقديم تقارير لديوان الحسبة تدقق في حسابات بيوت المال وحسابات وموجودات الولاة خلال فترة ولاياتهم. في هذه الرؤية كانت الابتسامة ترتسم على وجهي والفخر فاردا لظهري، ولكن لم يستمر ذلك طويلا. وكانت حالي الدهشة عندما تفكرت في حال الدول الغربية الآن، وليس قبل الف واربعمائة عام، والتي استفادت من خير نتاج فكرنا الاداري وحنكتنا السياسية بالحكم من خلال استغلالهم الايجابي لنظام الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ليقروا قانون «من أين لك هذا»، فرئيس اعظم دولة في العالم، الرئيس اوباما، يطبق عليه هذا القانون، ويساءل من قبل الكونغرس الاميركي بصفته مسؤولا امام الشعب لصون مصالحهم اذا ما ارتاب الكونغرس في اي امر، وتكون مساءلته مساءلة مسؤول وليس رئيس دولة، بمعنى ان يرفع حرج المنصب وقت المساءلة. ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة وتلاشت الدهشة وحل محلهما الحسرة والالم، عندما تذكرت حالنا في دولتنا، مستذكرة مطالبة عضو المجلس البلدي المهندسة اشواق المضف، مطلع شهر ابريل، بضرورة اقرار قانون «من اين لك هذا»، وسرعة تنفيذه، نظرا لامور سلبية رأت المهندسة ان حلها يكمن في تطبيق هذا القانون، منضمة بذلك الى غيرها من المسؤولين الذين سبقوها بهذه المطالبة، ولكن، للأسف، دون اي جدوى تذكر!طبق هذا النظام عند عمر لعقدهم النية مجتمعين على العدل، وطبق عند اوباما لعقدهم النية مجتمعين على التطور والنمو، ولكن في بلدي ما زالت النوايا فردية ومعلقة حتى إشعار آخر.

Share this post

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


عالية الخالد